من فضائل مسجد السهلة المعظم ما روي عن ( بشار المكاري ) من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام , قال : (( دخلت على أبي عبد الله عليه السلام عليه السلام بالكوفة , و قد قدم له طبق رطب طبرزد , و هو يأكل , فقال لي : يا بشار أن أدن فكل , قلت : هنأك الله , و جعلني فداك , قد أخذتني الغيرة من شيء رأيته في طريقي , أوجع قلبي , و بلغ مني , فقال لي : بحقي لما دنوت فأكلت , قال : فدنوت فأكلت , قال لي : حديثك ؟ , قلت : رأيت جلوازا(1) يضرب رأس امرأة , يسوقها إلى الحبس , و هي تنادي بأعلى صوتها : المستغاث بالله و رسوله , و لا يغيثها أحد , قال : و لم فعل بها ذلك ؟؟ , قال : سمعت الناس يقولون :أنها عثرت , فقالت : لعن الله ظالميك يا فاطمة , فارتكب منها ما ارتكب , قال : فقطع الأكل , و لم يزل يبكي حتى ابتل منديله , و لحيته , و صدره بالدموع , ثم قال : يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة ؛ فندعوا الله , و نسأله خلاص هذه المرأة .قال : و وجه بعض الشيعة إلى باب السلطان , و تقدم إليه بأن لا يبرح ألا أن يأتيه رسوله , فان حدث بالمرأة حدث , صار إلينا حيث كنا .قال : فصرنا إلى مسجد السهلة , و صلى كل واحد منا ركعتين , ثم رفع الصادق عليه السلام يده إلى السماء , و قال : أنت الله لا اله إلا أنت ..., قال : ثم خر ساجدا لا أسمع منه إلا النفس , ثم رفع رأسه , فقال : قم أطلقت المرأة .
قال : فخرجنا جميعا , فبينما نحن في بعض الطريق , إذ لحق بنا الرجل الذي وجهنا به إلى باب السلطان , فقال له : ما الخبر؟ , قال له : لقد أطلق عنها , قال : كيف كان إخراجها ؟ , قال : لا أدري , و لكني كنت واقفا على باب السلطان , إذ خرج حاجب فدعاها , و قال لها :
ما الذي تكلمت به ؟ , قالت : عثرت , فقلت : لعن الله ظالميك يا فاطمة , ففعل بي ما فعل , قال : فأخرج مائتي درهم , و قال : خذي هذه , و اجعلي الأمير في حل , فأبت أن تأخذها , فلما رأى ذلك منها دخل , و أعلم صاحبه بذلك , ثم خرج فقال : انصرفي إلى بيتك , فذهبت إلى منزلها. فقال أبو عبد الله عليه السلام : أبت أن تأخذ مائتي درهم , قال : نعم , و هي و الله محتاجة إليها , قال: فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير و قال : اذهب أنت بهذه إلى منزلها فاقرأها مني السلام , و ادفع إليها هذه الدنانير , فقال : فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام . فقالت : بالله اقرأني جعفر بن محمد السلام , فقلت لها : رحمك الله , و الله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام , فشهقت و وقعت مغشية عليها , فصبرنا حتى أفاقت و قالت : أعدها علي , فأعدنا عليها , فوقع منها ما وقع حتى أفاقت وقالت : أعدها علي فأعدناها حتى فعلت ذلك تماما , ثم قلنا لها : خذي هذا ما أرسل به إليك و ابشري بذلك , فأخذته منا و قالت : سلوه أن يستوهب أمته من الله فما اعرف أحدا أتوسل به إلى الله اكبر منه و من آبائه و أجداده عليهم السلام , فرجعنا إلى أبي عبدالله عليه السلام فجعلنا نحدثه بما كان منها , فجعل يبكي و يدعو لها , ثم قلت : ليت شعري متى أرى فرج آل محمد عليهم السلام , قال : يا بشار إذا توفي ولي الله , و هو الرابع من ولدي في اشد البقاع بين شرار العباد فعند ذلك يصل إلى ولد فلان مصيبة سوداء مظلمة فإذا رأيت ذلك التقت حلق البطان(2), و لا مرد لأمر الله ))(3)
(1) الجلواز: - بالكسر- الشرطي من أعوان السلطان
(2) البطان : للقنب الحزام الذي يجعل تحت بطن البعير , يقال : التقت حلقتا البطان , للأمر إذا اشتد
(3) العلامة المجلسي - بحار الأنوار: ج13 ب10 ص320 ح54
اضافةتعليق
التعليقات